العقل البشري في تكوين مستمر

 التعلم اللاإرادي أو الكامن

أظهرت دراسة حديثة أن العقل البشري في تعلم مستمر أي بقصد أو بغير قصد. واستطاعت هذه الدراسة التفرقة بين حاصل ما يتعلمه الإنسان خلال مرحلتي التعلم  اللاارادي  و الإرادي ، وهي من بين الدراسات القليلة التي أظهرت أدلة على وجود التعلم الكامن أي غير الصريح لدى العقل البشري.

فمن خلال الدراسة أو تكوين نتعلم خبرات مختلفة ، يخزنها العقل على شكل مجموعة من المعلومات بحيث يمكن استرجاعها واستغلالها لا حقا ، في المقابل لا يحتاج الطفل الى حصص مدرسية لكي يفرق بين الكلاب والقطط ، فهو يستطيع أن يفرق بينها بوصفها كائنات مختلفة عن بعضها البعض بمجرد ملاحظتها في حياته اليومية.

يُطلق العلماء على هذا النوع من التعلم بالتعلم الكامن أو التعلم اللارادي اي بغيرنية، وكما جاء في موقع Simple psychology ، يُعدّ التعلم الكامن عملية لا إرادية يميز بها الإنسان الأشياء المختلفة دون وعي منه أو إرادة ، وهو تعلُم لا تفرضه سلوكيات المجتمع، أي أن الفرد لا يتعلم امتثالا لأوامر الآخرين أو تحت رقابة مشرفين.

نظرية عالم النفس الأمريكي إدوارد تولمان

دراسة نظرية التعلم الكامن وتطويرها يرجع فضلها إلى عالم النفس الأميركي إدوارد تولمان هو من اشار اليها وعمل في تطويرابحاثها.

ففي محاولة لتأكيد هذه النظرية، أجرى البروفيسور فلاديمير سلوتسكي أستاذ علم النفس بجامعة أوهايو الأميركية، والباحثة بالجامعة نفسها ومؤلفة الدراسة الرئيسية ليلى أونجر بحثا بهدف تقديم أدلة علمية تجريبية تثبت قدرة العقل على تمييز الأشياء عبر عرضها عليه دون وجود رغبة في فهم طبيعة تلك الأشياء.

كما نُشرت نتائج هذه الدراسة في دورية  Psychological science يوم 26 ماي 2022.

العقل البشري مستمر في التعلم يوميا

أوضح الباحثون في بداية دراستهم أن الانسان من خلال حياته اليومية يتعلم كثيرا من الأشياء والتصنيفات ، يخزنها عقله على شكل مجموعة من المعلومات يمكن أن يسترجعها لاحقا.

فمثلا ، يصنف الإنسان القطط قططا وفق بعض المعاييرويعتبرها متشابهة الى حد كبيربغض النظر عن الإختلافات الدقيقة بين أنواع القطط ، فاذا عرف أن احد أصناف القطط يملك ذيلا طويلا ، فانه يستنتج ضمنيا امتلاك الأنواع الأخرى من هذا الصنف نفس الذيل.

معرفته تلك المعلومات لا تستدعي وجود رغبة لديه في  تعلمها، بل اكتسب تلك الخبرات أثناء ممارسته لأنشطاته اليومية المعتادة، ويضيف عقله يوميا المزيد من التصنيفات، كما يقوم بتحيين المعلومات لديه تلقائيا.

فملاحظة الأشياء الجديدة من حولنا دون رغبتنا في التعرف على ماهيتها يترك انطباعا في عقولنا ويجعلنا مستعدين لمعرفة المزيد عن هذه الأشياء في وقت لاحق.

فالحياة بتجاربها وبحلوها ومرها تعتبر مدرسة متكاملة للتعلم الكامن ، فبمجرد أن تمر عليك معلومة أو تشاهد صورة ، فان عقلك يخزنها تلقائيا ثم يسترجعها لاحقا لمحاولة معرفة المزيد من الأشياء عنها.

التعلم الكامن لا يغني عن التعلم الصريح

التعلم الكامن يعتبر بداية او مرحلة ممهدة للتعلم الصريح أو المؤسساتي ولا يمكننا ان نستغني عن التعلم الصريح ونكتفي فقط بالتعلم الكامن.

فاتقان الاشياء ومعرفة كنهها لابد ان يمر العقل البشري بمرحلة التعلم المؤسساتي ، فهو ضروري في ضبط الأشياء باحترافية وتقليص مدة تعلمها والاستفادة من التجارب السابقة.

فهذا هو العقل البشري يحب المعرفة والمزيد منها وهذه هي الأمانة الكبرى الذى تحملها الانسان  ولم تحملها الكائنات الاخرى. فحب الفضول و حب معرفة الاشياء جزء من حياتنا ، لايمكننا الإستغناء عنها.

                                                                      المصدر :  مواقع الكترونية