مفهوم التغيير

مفهوم البيئة الحاضنة

البيئة الحاضنة هي من تنجب الصالح والطالح، وهي من تمد أفرادها إما بمقومات الحرية والإستقرار أوبأدوات الإستبداد والفوضى.

وهذا ما أكده القرآن الكريم عندما تعرض إلى استبداد وطغيان الفراعنة مشيرا إلى مفهوم دقيق جدا وهو مفهوم البيئة الحاضنة، هذه البيئة هي التي تنشئ الإستبداد والطغيان وهي التي تنمي بتصرفاتها الفكر الأحادي الذي لا يقبل المعارضة، هذه البيئة الفاسدة هي التي أنجبت فرعون مصر حتى خرج على قومه قائلا " ماعلمت لكم من اله غيري"

فعقب القرآن الكريم على هذا السلوك الشنيع والغير السوي في مسار البشرية "استخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين" وحكم على فسق وفساد مجتمع الفراعنة.

كما جاء في الأثر أن رجلا من المسلمين جاء إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مذكرا إياه بأيام خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،فرد عليه قائلا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان خليفة على أمثالي أما أنا فخليفة على أمثالك.

فالمجتمع ماهو إلا هرم له قاعدة وقمة ومن أراد أن يبدأ من القمة فلن يصل إلى القاعدة ولو عاش الدهر ، فالتغيير الحقيقي هو الذي يمس قاعدة الهرم وقمته في آن واحد، عملية متوازية غير منفصلة بعضها من بعض طردية كما يقول أهل المنطق.

التغيير الحقيقي

التغيير الحقيقي هو الذي تدور رحاه في قاعدة المجتمع وفي سلوكاته اليومية، تبدأ من أبسط فرد من المجتمع.

- من الطالب في دراسته ، عندما يدرك أهمية التحصيل العلمي لا الجري وراء شهادات فارغة بالتزييف والتزوير.

- من الأستاذ في تدريسه ، عندما يدرك أن له رسالة يؤديها ليس تاجرا همه الربح أو موظفا عاديا.

- من الإداري في مكتبه، عندما يدرك أن واجبه ليس تعطيل مصالح الناس والجري وراء إكراميات سخيفة وسلوكات مشبوهة.

- من الطبيب في عيادته ، عندما يدرك أن مهنته إنسانية اتاه الله الحكمة ليدخل السعادة على أفرد مجتمعه ليس مقاولا ولا تاجرا.

- من المهندس في مشروعه، عندما يدرك أن أي تقصير في عمله سيؤخر مجتمعا بأكمله.

- من التاجر في تجارته، عندما يدرك أن التطفيف والغش والتادليس سيفسد إقتصاد مجتمع ويهز ثقة أفراده.

- من المقاول في ورشته، عندما يدرك أن أي تقصير في عمله سيفسد البنية التحتية لمدينته.

- من القاضي في مجلسه، عندما يدرك أن حقوق العباد متعلقة بأحكامه وأن أي خطأ يهز أركان المجتمع.

- من الصحفي في جريدته، عندما يدرك أن التأكد من حقيقة الخبرومصدره أولى من نشره وأن الإشاعة المغرضة هدامة للمجتمع.

- من السياسي والمنتخب في حزبه أو مندوبيته، عندما يدرك أن نشاطه ليس مراوغة أو انتهازية طمعا في امتيازات بخسة.

- من رئيس الجمهورية في إدارته للبلاد ، عندما يدرك أن مهمته تطبيق الدستور والدفع بالبلاد نحو الرقي وأن دوام الحال من المحال.

هذه السلوكات تبني مجتمعا قادرا على إخراج نخبة تقوده نحو الرقي والديمقراطية ،
أما من يحلم أن التغيير يأتي من القاعدة دون القمة أو من القمة دون القاعدة فهو أعمى البصيرة (إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) هذا هو مفهوم التغيير الذي نحلم به ونسعى إليه.